تنمية مهارات إدارة الوقت
١ - المقدمة :
إذا كان الهـواء ضروري للحيــاة ، فالوقت ذاته هو الحــياة .
الوقت هو العمر وهو كل شىء فى حياة الإنسان والعمر محدد ولا يمكن زيادته بحال من الأحوال (مورد شديد الندرة ) ، مورد غير قابل للتخزين (اللحظة التي لا استغلها تفني ) ، مورد غير قابل للبدل أو التعويض .
قال الحسن البصرى ( يابن آدم ، إنمــا أنت أيام مجموعة ، كلمـا ذهب يوم ذهب بعضك ) .
إن وحدة الزمن أياً كانت متســأوية لا تختلف بإختلاف المكان ، فكيف يكون لوقت قيمــة ، وآخر ليس له قيمــة .
الله عز وجل خلق الوقت ، وقدر مقاييسه ، وقد أقسم بأجزاء من الوقت دليلاً على أن هناك أوقاتـاً أفضل من غيرها ، فهناك الجمعة أفضل أيام الأسبوع ، وهناك رمضــان أفضل الشهور ، وهناك الثلث الأخير من الليل ، وهناك الفجر ، والصلاة ذاتهـا لها أوقات محددة .
والسؤال ، إذا كانت وحدة الزمن لا تختلف في المقاييس ، فلماذا هناك وقت أفضل من وقت ؟
والإجابة هي إن الاختلاف هنا نتيجة العمل في ذات الوحدة ، فهناك عمل ربط على وقت ما ، فإذا تم في هذا الوقت كان الفلاح والاستثمار الأكبر ، وحصلت على القيمة العإلية ، وإن تم نفس الفعل في وقت آخر غير الذي حدد له ، فلن تحصل على نفس القيمة .
والنتيجة التي نستخلصهـا أن الوقت لـه وحدات ثابتة ، وقيمــة الوحدة ذاتهــا تختلف عن غيرهــا بطبيعة نتيجــة العمل الذي يتم في هذه الوحــدة من الزمن .
ومثال على ذلك نجـد أن قيمــة الســاعة من وقت خبير في تخصص نادر ، تختلف عن قيمــة نفس الســاعة في نفس الوقت لرجل عادي ، لأن نتاج الســاعة للخبير يختلف عنه للرجل العادي ، ومن هنــا نصل لنتيجــة أخرى ، أن هذا الخبير يعطي نتيجــة جهد ســنوات ليرفع من درجــة ونتيجــة عمله خلال ســاعة ، ولذا قيمــة الســاعة التي يفكر فيهــا هي في الحقيقة نتيجــة تعب وتخطيط وتحصيل علمي لوحــدات كبيرة من الزمن أوصلته لهــذه القيمــة ، وقيمته الشخصية مستمدة من قيمـة وقتــه ، والخلاصــة أن المقياس الحقيقي لقيمــة وحدة الوقت هو مقـدار الانتاجية في هذه الوحدة من الوقت .
إدارة الوقت هي عملية التخطيط وممارسة السيطرة الواعية على الوقت الذي يقضيه في أنشطة محددة ، خاصة لزيادة الفعالية والكفاءة أو الإنتاجية .
فيمكن أن نُعرف إدارة الوقت ، بأنه تنظــيم وحدة الوقت حتى ترفع انتاجيتهــا ، وذلك لأنك لن تزيــد الوقت ذاته ، ولكن مع بعض التنظيم تحصل على انتاجيــة أعلى وأفضل ،
يمكن القول أن مفهوم إدارة الوقت هو أن ننظم وندير وحدات الزمن حتى نرفع كفاءة أعمالنـا فيهــا ، أي إننا نحأول أن نغير من طريقة تفاعلنا مع الحدث حتى نزيد الإنتاجية ، إذن نحن في الحقيقة نغير من أنفســنا في تنأولنا الحدث الذي يحدث في نفس وحدة الزمن .٥ - مصــفوفة الوقت :
بلغة أخرى إدارة الوقت هي في الحقيقة إدارة الذات وتفاعلها مع وحدة الوقت بالعمل الذي تقوم به .
يقول ستيفن كوفي في كتابه إدارة الأولويات
( الأهم أولا ) إن العاملين اللذين يتحكمـان في أسلوبنا في استثمار الوقت ( الطوارئ والأهميـة )
ونحن نتكلم عن المستوى الأول ، أي أننا نحأول أن نبدأ سلم إدارة الوقت يمكن أن أذكرك أننا أمة الأسلام ، من فُرض عليهم إدارة وتنظيم الوقت ، ولكن أين نحن الآن ؟ وأين غيرنا ؟
لقد وصلوا لما هم عليه بالجدية والاهتمام بالوقت وإنتاجيتة ، والعمل المستمر لرفع الكفاءة .
يبدأ ستيفن كوفي فكرته أنه يجعلك تسأل نفسك سـؤإلين :
السؤال الأول :
ما هو النشاط الذي تعرف أنك إذا قمت به بإتقان ، وبانتظام ، يترتب عليه نتائج طيبة في حياتك الشخصية ؟
السؤال الثاني :
ما هو النشاط الذي تعرف أنك إذا قمت به بإتقان ، وبإنتظام ، يترتب عليه نتائج طيبة في حياتك المهنيـة ؟
ثم يردف قائلا : إذا كنت تعرف تلك الأنشطة التي تحدث هذا الفرق الهـائل في النتائج ، فلم لا تقـوم بهـا الآن ؟
ما أحب أن ألفت النظر إليه كلمتى ( إتقان ، وانتظام ) بعد تقسيم كل الأعمال التي تقوم بهـا ، أو التي ستقوم بهــا ، على أساس العاملين الأهمية والالحاح ، نبدأ بعلمية توزيع هذه الأعمال على مربعات المصفوفة ، فنحن نمضى كل أوقاتنــا في مربعات مصفوفة الوقت ، وهي كما في الشكل :
مصفوفة الوقت
أ - المربع الأول : ( مربع الإدارة - الطوارئ )
في هذا المربع الأعمال الهامة والعاجلة التي لا بد أن تقوم بهـا الآن أو على الأقل إليوم ،
عندك اختبار غداً ولابد من المذاكرة له إليوم ، عاجل لا يمكن التأجيل ، وهام بالنسبة لك .
سيارتك تعطلت ، لا بد من إصلاحها إليوم وإلا لن تذهب للعمل غداً ، حالة طوارئ لا بد من إصلاحها ، وهكذا الأعمال هامـة وضرورية .
وهذا المربع يتميز بالأعمال التي توصف بالطوارئ فلا يمكن تأجيلها لأنهـا أيضا هامة.
ب - المربع الثانى : ( مربع القيــادة - الجــودة )
في هذا المربع تقع الأعمـال الهامــة الغير عاجــلة ، فهو مربع التخطيط الهادئ طويل المدى ، حيث يمكنك كتابة مقال أو بحث ليس عاجل تعمل فيه على مراحل مخطط لها، أو تخطط حتى تمنع وقوع مشكلة متوقعه ، أو تذاكر لاختبار الأسبوع القادم بتأني وعمق ، تخطط للمذاكرة خلال الفصل الدراسي وتعد الجدأول ، إن العمل في هذا المربع يبنى قدراتك في الحاضر والمستقبل ، ويجعلك تعمل بخطى متأنية ، ويبعدك عن الضغط والتوتر .
وعدم القيام بما هو مفترض أن تقوم به في هذا المربع فينقلك فوراً إلى المربع الأول حيث حالة الطوارئ والتوتر المستمر ، ودائماً العمل مع الضغط والطوارئ لا ينتج جودة ، ومن مميزات المربع الثانى أنه لا يتحكم بنا كالمربع الأول بل نحن من نتحكم به ،
ولذا يسمى المربع الثانى مربع القيــادة الذاتيــة ، وهذا يعكس لنا أنه كلمــا زادت أعمالنـا في هذا المربع كلمـا زادت قدراتنا على القيــادة الذاتيــة .
ج - المربع الثــالث : ( مربع الخــداع )
هو شبح للمربع الأول ولكن غير حقيقى ، ففيه أعمـال عاجلة لا بد من القيام بهــا ، ولكنهـا غير هامة لك ، ربمـا تؤدي شيئاً ما لزميل ، أوتقوم باستقبال زيارة أو نوع من الاجتماعيات الغير هامة لك ، ولكن عليك أن تؤديهـا ، فتجد أن وقتك يذهب بدون فائدة حقيقية لك ، وأحياناً تقنع نفسك أنه كان من المهم أن تقوم به ولكن على غير الواقع .
د - المربع الرابــع : ( مربع الضــياع )
كل الأعمال التي في هذا المربع هروب مما يجب أن تقوم به ، وبالتإلى ينتج عن هذا المربع إحباط كبير ، لأنك فقدت الوقت بدون أن تقوم بأي عمل له نتيجة جيدة ، أو كان من المفترض أن تكتب مقال لك أو إنك تذاكر وهربت من كل ذلك ، فلم تقوم بأي شيء .
إنناعندما نتصرف من منظور الأهمية نعيش في المربعين الأول والثاني ، أما الهروب إلى المربعين الثالث والرابع فيتحقق قضاء المزيد من الوقت في الاستعدادات والاحتياطات والتخطيط والتعبئة .
معنى ذلك أنه إذا بدأت بأخذ أســتعداداتك من بداية العمل وضعت مخطط للعمل ، وبدأت كل يوم تضع ما عليك القيام به من أعمال وتجعل جدولك دائماً مرناً تحسباً لأي من الطوارئ التي ستظهر ، فأنت بهذا تعمل دائماً في المربع الثــاني ، فلن تضطر إلى أن تجلس لاوقات متأخرة والعمل فى المربع الأول ( حالة طوارئ ) .
وبهذا تكون قد تحركت من المربع الأول إلى الثاني، وقللت من حالات الطوارئ والتوتر .
٧ - الســاعة والبوصـــلة :والآن بدأنا ندرك أن إدارة الوقت هي إدارة الذات قبل أن تكون تنظيم أوقات ، أي إنك تنظم عملية قيامك بالأعمال وتجعلها في الوقت المناسب لكي تقوم بها كما يجب ، فكما قلنا أن الأعمال دائماً مرتبطة بأوقات مناسبة لها ، فإذا قمت بها في هذا الوقت كان الفلاح ، وإذا لم يحدث كانت المعاناة.
نجد من يخطط وينظم وقته ، ويسيطر عليه الوقت ويصبح أسيراً له . بدون توجيه من مبادئه وأهدافه وأولوياته ولايعرف إلى أين مصيره ، وإلى أين ينطلق في الحيـاة .
إن الســـاعة تمثــل مواعيـــدنا ، والتزاماتنـــا ، وجــدأولنــا ، وأهــدافنــا وأنشـــطتنا ، أي كيف ننظـــم وقتنــا، فقط على أســاس الوقت كزمن .
أمـــا البوصـــلة فهي تمثــل ما نحمـــله داخلنــا من رؤيـــا وقـــــيم ومبــادئ وتكــون هي أســـاس لحيــــاتنا .ودائمــــاً يـاتي الصـــراع نتيجـــة وجـــود فجـــوة بين الســـاعة والبوصــــلة ، فنقـــوم بأعمـــال كثيرة لا تســـهم في إنجـــاز مــا نعتبره الأهـــم في حياتنـا ، ففي حـــالة ســـيطرة الســـاعة على الحـياة يشعر المــرء بأنــه أصــبح أســيراً للآخــرين ، فافعالنــا ردة فعــل ، نقــوم بعملنـــا محــاطين بغــلاف من الأعمــال الأقـــل أهميـــة ، ثــم نقــوم بها دون أن نعطـــي الأعمــال الأهــم في حيــاتنــا الوقت الكــافي ، ونمضــي في الحــياة ننجــز أعمــال الآخـــرين .
٨ - خطوات إدارة الوقت :
عملية إدارة الوقت هي في الحقيقة عملية تتكون من مجموعة خطوات ، ولكي تقوم بهـا لا بد أن تعي أنها إدارة للذات قبل أن تكون إدارة للوقت ، ومن لم يتمكن إدارة ذاته فلن يدير وقته .ولعملية إدارة الذات ٣ خطــوات ثابتة تعتبر حجر الأساس لا تتغير ولاتتبدل وهي :ا - القيام بتحديد أهدافك طويلة المدى والمرحلية وربط كل منها بالآخر .ب - القيام باكتشاف أدوارك في الحياة ، وكذلك تحديد أولوياتك .ج - التعرف على دورة نشــاطك إليومي ( Ideal Day ) ومعناه أن لكل إنســان دورة لنشــاطه خلال إليوم ، مثلا ذروة نشاطك من الثامنة صباحا حتى الثانية عشرة ظهراً ، ثم تقل حتى تصل إلى أدناها الســاعة الثالثة عصراً ، ثم تبدأ في الارتفاع من الخامسة مثلاً إلى أن تصل للذروة الثانية حوإلى الســابعة إلى أن تهبط ثانية ، وهكذا .أهمية معرفة دورة نشاطك ، أنك تعرف متى يمكنك القيام بالأعمال الصعبة أو التي تحتاج لنشاط عإلى ، ومتى تأخذ أعمال بسيطة أو لا تحتاج إلى قوة عقلية كانت أو جسمانية .بعد تحديد حجر الأساس لعملية إدارة الوقت ، نقوم بكتابة الجدول المناسب ولا بد من كتابته على الورق وجعله أمامك :( ١ ) أولا اكتب جدولاً لمدة كبيرة مثلاً لفصل دراسي كامل أو لمدة شهر ، وفيه اكتب الأحداث الكبرى ، أو المهمـات الأساسية .( ٢ ) قم بتقسيم الجدول إلى وحدات أصغر فلتكن أسبوعياً ، وأيضا أسقط فيه الأعمال ( الأساسية - ودائمــاً - وخاصة ) في البداية اجعل جدولك مرناً ، أي يتقبل الطوارئ أو ما يستجد من أعمال ، إلى أن تزيد خبرتك ، وهذا لن يتأتى إلا بالخبرة والتدريب .
ومن المهم أن تجعل الأسبوع هو وحدة جدولك ، وليس إليوم فإليوم وحدة صغيرة تجعلك لا ترى الصورة الكلية ، فكما يقول كوفي ( إن التخطيط إليومي يعطينا رؤية محدودة ليوم واحد أو لقطة مكبرة مقربة تجعلنا مشغولين بما هو قريب جداً من أعيننا ، لدرجة أن الطوارئ تشغلنا عن الأهمية ، أما التخطيط الأسبوعي فيقدم لنا المنظور الأوسع والشامل لما نقوم به ، إنها تعطينا صورة أوسع تمكننا من أن نرى الجبال بحجمها الحقيقي ) .
هناك من يفكر أن التخطيط يضيع الوقت .يٌحكى أن حطاباً كان يجتهـد في قطع الأشجار من الغابة ، ولكن كانت فأسه غير حادة إذ أنه لم يشحذه من قبل .فمن يقول بأنه مشغول ولا وقت لديه لتنظيم وقته فحاله كحال هذا الحطاب ، إن شحذ فأسه سيسـاعده على قطع الشجر أسرع ، وسيبذل مجهـودا أقل ليقطع نفس الشجر ، فيمكنه قطع شجر أكثر أو استغلال الوقت في شيء آخر مفيد ، وسيتيح لك إتمام عملك بشكل أسرع وبمجـهود أقل ( إنهـا الكفــاءة ) ، وسيتاح لك فرص أخرى للقيام بها لم تكن في الحسبان لأنك دائماً مشغول .
٩ - شروط إدارة الوقت :
أ - لا بد من تحــديد هدفك من تنظيــم الوقت.
ب - عليك بجرد الوقت ، لرؤيــة خريطــة الوقت واضحة أمامك .
ج - عليك بحصــر الأنشطة التي تسبب ضــياع وقتك .
د - تقييم كل الأعمــال والأنشطة التي تقوم بهـا من منطلق درجة الأهمية والإلحاح .
هـ - إسقاط كل الأعمــال في مربعات مصفوفة الوقت .
و - الاهتمــام فقط بالمربعين الأول والثانى، وبالطبع الثانى يعنى الجــودة والقيادة، كما سنرى.
ز - إعداد جدأول لتنظيم الأوقات والأنشطة، والالتزام بهـا بقدر المستطاع .
ح - تقييم أداؤُك من وقت لآخر ومحاسبة نفسك ، وكذلك مكافأتها عندالتزامك بالجدول .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق