الفروق الفردية ولغة الشخصية Individual differences and the language of personality

 


الفروق الفردية ولغة الشخصية

١ - المقدمة :
الفروق الفردية ظاهرة عامة في جميع الكائنات ، فنجد أن كل إنسان متميز بذاته ، ولا يمكن أن يكون كذلك إلا إذا اختلف عن الآخرين . وهي سنة من سنن الله في خلقه فجاء كل واحد منهم مختلفا عن الآخر لا يشابهه ولا يطابقه ، وقد أكد الله سبحانه وتعالى هذا الاختلاف ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (الانعام ١٦٥ ) .
وهذا التفضيل قد يكون بالجسم أو بالعلم أو بطريقة التفكير أو بالأمور المادية . فأفراد النوع الواحد يختلفون فيما بينهم فلا يوجد فردان متشابهان في استجابة كل منهما لموقف واحد وهذا الاختلاف والتمايز بين الأفراد أعطى للحياة معنى ، وجعل للفروق الفردية أهمية في تحديد وظائف الأفراد ، وهذا يعني أنه لو تساوى جميع الأفراد في نسبة الذكاء فلن يصبح الذكاء حينذاك صفة تميز فرداً عن آخر ولا يصلح جميع الأفراد إلا لمهنة واحدة .
وتعد ظاهرة الفروق الفردية من أهم حقائق الوجود الإنساني التي أوجدها الله في خلقه حيث يختلف الأفراد في مستوياتهم العقلية ، فمنهم العبقري والذكي جداً والذكي ومتوسط الذكاء ومنخفض الذكاء والأبله ، هذا فضلاً عن تمايز مواهبهم وسماتهم المختلفة .
وتعد الفروق الفردية ركيزة أساسية في تحديد المستويات العقلية و الأدائية الراهنة والمستقبلية للأفراد ، ولذلك فقد أصبحت الاختبارات العقلية وسيلة مهمة تهدف إلى دراسة احتمالات النجاح أو الفشل العقلي في فترة زمنية لاحقة .


٢ - الفروق الفردية ظاهرة عامة :

تعتمد مقاييس الشخصية على ظاهرة الفروق الفردية في الكشف عن العوامل الرئيسة التي تحدد نجاح الأفراد ، حيث إن النجاح يمتد في أبعاده ليشمل كل مكونات الشخصية في تفردها من فرد إلى آخر .
ويختلف الأفراد فيما بينهم فى سلوكهم حيث أمكن قياس الأفراد فى سلوكهم باستخدام أدوات القياس النفسي وهى الاختبارات النفسية التى تمكننا من التعرف على الصفات العامة والخاصة لكل فرد للتعامل معه فى المجال التعليمي أو المهني أو الحياتي على أساس نتائج تلك القياسات .

٣ - مفهوم الفروق الفردية :

يعرف البعض الفروق الفردية بأنها ( تلك الصفات التي يتميز بها كل إنسان عن غيره من الأفراد سواءً كانت تلك الصفة جسمية أم في سلوكه الاجتماعي ) .
وتعرف الفروق الفردية بأنها ( قيمة الانحراف الفردي عن المتوسط الجمعي في سمة معينة ) .
أو هي الاختلاف بين الأفراد في درجة وجود سمة محددة وذلك وفقا للمفهوم الإحصائي للفروق الفردية الذي حدده العالم الإنجليزي جولتون ( ١٨٨٣ ) وهو أن هناك فروقا بين الأفراد في نوع السمة أو الصفة وفى درجة وجودها أيضا لكن قياس الفروق ينصب على الاختلاف في درجة السمة وليس في نوعها حيث أن اختلاف النوع يهدم فكرة المقارنة من أساسها فلا يعقل أن نقارن بين لون بشرة فرد وطول شعر فرد آخر فهذا اختلاف فى النوع أما المقارنة بين وزنى فردين فهو اختلاف في الصفة وهذا ما نعنيه بالفروق الفردية .
وبرغم اقتصار دراسة الفروق الفردية فى بداية ظهور فكرتها على الذكاء والسلوك العقلي إلا أنها امتدت فى أعقاب الحرب العالمية الأولى الى قياس الفروق فى القدرات الخاصة للقوات فى الجيش التركي والبحرية الأمريكية وفقا لقدراتهم المتميزة وقد ظهر ذلك بصورة كبيرة فى الحرب العالمية الثانية مما كان له
أبلغ الأثر فى حسم القضية لصالح العلم .

٤ - الفروق الفردية في علم النفس :
تعد الفروق الفردية في علم النفس من الموضوعات الهامة التي تتم دراستها بشكل خاص من قبل المختصين ، وذلك لأهميتها في دراسة السلوك الإنساني بشكل موسع ، ويعنى بالفروق الفردية السمات التي تميز الأشخاص عن بعضهم البعض وهي خصائص نفسية دائمة إلى حدٍ ما والتي تميز الأشخاص عن بعضهم من خلال اختلافهم .
ويسعى علم النفس التجريبي الى اكتشاف القوانين والمبادئ العامة التى تنطبق على جميع الناس فى كل مكان كما يهتم علم النفس أيضا بدراسة الفروق الفردية بين الأفراد ولا يهتم علم النفس الفارق بدراسة هذه الفروق لمجرد الرغبة فى فهم الإنسان فحسب وإنما لان المجتمع المعاصر قد بلغ درجة عالية من التعقيد وتنوعت فيه التخصصات والأدوار التى ينبغي أن يقوم بها أفراده ومن هنا نشأت مشكلة اكتشاف الأفراد الذين يلائمون الأدوار والاحتياجات المختلفة التى يتطلبها المجتمع وفى هذا ما يحقق الكفاية للمجتمع والتوافق للفرد .
وعلم النفس الفارق يهتم بالإنسان كشخصية منفردة تعتبر نتاجا لهذه المؤثرات ويهدف الى معرفة ما الذي يختلف فيه الأفراد ومدى الفروق الفردية وكيف يمكن قياسها ، كما انه يهتم بدراسة الفروق القائمة بين الجماعات والشعوب أيضا .


٥ - الفروق الفردية في الشخصية :
 

إن كل إنسان متميز بذاته ولا يمكن أن يكون كذلك إلا إذا اختلف عن الآخرين . وتعد الفروق الفردية ركيزة أساسية في تحديد السمات الشخصية والأدائية الراهنة والمستقبلية للأفراد ، ولذلك فقد أصبحت اختبارات السمات الشخصية وسيلة مهمة تهدف إلى دراسة احتمالات النجاح أو الفشل في فترة زمنية لاحقة . ويمكن تعريف الشخصية في إطار الفروق الفردية بأنها ( البنية الكلية الفريدة للسمات التي تميز الشخص عن غيره من الأفراد ) .
وتعتمد مقاييس الشخصية على ظاهرة الفروق الفردية في الكشف عن العوامل الرئيسة التي تحدد نجاح الأفراد ، حيث إن النجاح يمتد في أبعاده ليشمل كل مكونات الشخصية في تفردها من فرد إلى آخر .
 

٦ - أهمية اكتشاف الفروق الفردية : 
لا يستطيع إنسان واحد مهما أوتي أن يستغني عن غيره من الأفراد ، إنهم يتعاونون في بناء حياة إنسانية سليمة فردية اجتماعية فإن إهمال مابين الأفراد من الفروق له أثره السيئ بالفرد نفسه أو بالمجتمع الذي يعيش فيه وتظهر هذه الأهمية من خلال .
أ - أهمية التنشئة والتربية :
فرعاية الفروق الفردية من أسس الصحة النفسية والتربية السليمة التي تقوم على الاعتراف بالفردية وأهمية كشفها وحسن استغلالها وتوجيهها إلى أقصى الحدود الممكنة لتكامل الحياة ونجاحها، فالتربية السليمة تعتبر كل فرد غاية ووسيلة في حد ذاته ويجب أن تستغل مواهبه لتحقيق مبدأ التكامل والتضامن .
ب - أهميتها في الإعداد المهني والوظيفي للحياة :
 
إن الفرد يحمل استعداد النوع من الأعمال دون غيرها والحياة تتطلب أنواعاً مختلفة من العمل والكفاءات يتمم بعضها بعضا لتكون مجتمعا متضامنا. وهذا يقتضي كشف تلك الفروق بين الأفراد وإعداد الظروف والعوامل المساعدة على نموه فالفروق الفطرية والمكتسبة هي إمكانيات هائلة للإعداد المهني والتطور في جميع الأعمال وبذلك يوضع الفرد المناسب في العمل المناسب له .
ج - أهمية خلقية :
إذ أن معرفة الفروق بين الأفراد تساعد على فهم الآخرين وإلقاء الضوء على كثير من تصرفاتهم فلا يجوز للإنسان أن يطلب من كل إنسان أن يعامله نفس المعاملة فلكل فرد أسلوبه الخاص في التعبير الانفعالي وأداء السلوك .
د - أهمية ذاتية :
فمعرفة الفروق الفردية تساعد الفرد على تفهم نفسه واستغلال مواهبه ومعرفة إمكاناته ولعل الإنسان ولا سيما في مراحل الرشد والنضج ، إذا كان مثقفا يستطيع أن يفهم كثيراً من إمكانياته وأن يسعى لاستغلالها بطريقة إيجابية يضمن بها النجاح .

٧ - قوانين الفروق الفردية :
أ - الفروق الفردية هى فروق فى الكم وليست فروق فى النوع ، بديهي أن الأفراد يمتلكون كل السمات والفارق بينهم هو فارق فى درجة امتلاك كل منهم لسمة من السمات حيث لا يوجد مطلقا فرد يملك قدرة أوصفه بينما شخص آخر لا تتوفر لديه بأي قدر . 
 
ب - يمكن تقسيم الأفراد في السمة الواحدة بناء على تمثيل هذه السمة بخط مستقيم يقع فى أحد طرفيه أقصى قدر للسمة بينما فى الطرف الآخر الحد الأدنى لها مما يتسنى معه متابعة السمة الواحدة بدرجاتها المختلفة لدى الأفراد من أقصاها الى أدناها ويهمنا أن ننبه الى عدة نقاط فى هذا الصدد على قدر من الأهمية وهى :
( ١ ) إن التسليم بالاختلاف الكمي بين الأفراد فى السمات يفتح الباب على مصراعيه لقياس تلك الفروق أو الاختلافات حيث مقولة العالم "ادوار ثورنديك" الشهيرة والتى مؤداها أن ( كل ما يوجد بمقدار ، وكل ما يوجد بمقدار يمكن أن يقاس ) . 
 
( ٢ ) ان الاختلافات فى الدرجة عندما تصل الى أقصى حد لها قد تتحول الى اختلاف فى النوع كما يقول العالم "هنرى برجسون" فالماء عندما تزداد درجة غليانه يتحول الى بخار وهو شكل جديد للمادة لم يكن موجودا من قبل وعليه فإن ازدياد درجة الصفة الإنسانية الى حد يتجاوز المستوى المعروف سوف يظهر خواصا جديدة للصفة كمن تتفوق القدرة العددية لدية الى أن يستطيع بعملية ضرب عشرة أرقام فى عشرة أرقام دون استخدام الورقة والقلم او الآلة الحاسبة ومع تسليمنا بهذا الاختلاف فى الدرجة الذى يمكن أن يصل الى اختلاف فى النوع غير أننا مازلنا نجهل ذلك الحد الذى يتحول عنده الاختلاف فى درجة السمة الى اختلاف فى نوعها . 
 
( ٣ ) إن وجود قدر أقصى للصفة وقدر أدنى لها يعنى أن هناك درجة لفرد ما تصل الى الصفر فى هذه السمة هذا افتراض نظري فحسب فلا يوجد صفر مطلق للسمة التى يقيسها اختبار ما لكن القول الصحيح هو لكل سمة حد أدنى يبدأ عندها التقدير وهى لا تصل الى الصفر المطلق والا انعدمت لديه
السمة موضوع القياس كما أن الحد الأدنى للسمة فى اختبار ما لا يعنى أنه هو نفسه الحد الخاص الذي يمثل أقل درجة من السمة أن يمتلكها فرد من البشر .

( ٤ ) يؤثر العمر الزمني على ثبات الفروق الفردية لدى الأفراد
تناولت بحوث عديدة مشكلة ثبات الفروق الفردية وانتهت فى معظمها الى ان هذه الفروق ينالها قدر من التغير مع نمو الفرد عبر عمره الزمنى الى ان تصل الى سن معين تثبت عندها سمات الفرد وقدراته وبالتالى تثبت الفروق الفردية بين الأفراد فى هذه السمات او القدرات ، فالذكاء مثلا وطبقا لتفسيرات نظرية معينة ينمو لدى الأفراد مع العمر الى ان يتوقف نموه فى الثالثة عشر او الرابعة عشر من العمر او حتى فى الثامنة عشر كما تشير بعض النظريات وعند هذا السن يتبلور الذكاء الى ما يسمى بالقدرات العقلية المتميزة تتمايز في سن مراحل التعليم الثانوي أو الجامعي .
وأخيرا فإننا نشير في هذا الصدد أن الفروق الفردية بين الأفراد في المتغيرات المعرفية أو العقلية أكثر ثباتا عنها في حالة الفروق بينهم في المتغيرات المزاجية أو الانفعالية .
( ٥ ) لكل من الوراثة والبيئة دور فى وجود الفروق الفردية ، لا توجد مشكلة في علم النفس أثارت قدرا من الجدل العلمي مثلما أثارت قضية الوراثة والبيئة في الفروق الفردية ، فالبعض يسعى إلى إظهار الدور الأكبر للوراثة على حساب دور البيئة (ومعظمهم من علماء البيئة و الوراثة ) والبعض يرى الفروق بيئية في المقام الأول (ومعظم هؤلاء من السيكولوجيين) إلى حد أطلق بعض العلماء الذين يؤمنون بالدور الأكبر للوراثة بأنهم وراثيون بينما يطلق على غيرهم ممن يعلون شأن البيئة بأنهم بيئيون وبينهما من يقف فى منتصف الطريق وهم أولئك الذين يرون أن الصفات الإنسانية هي نتاج لتفاعل كل من الوراثة والبيئة .
ونحن مع الرأي الذي يميل إلى ترجيح فكرة تفاعل كل من الوراثة والبيئة في تشكيل الصفات الإنسانية غير أننا يجب أن نذكر هنا أننا نرى أن القاعدة الغالبة في الصفات الإنسانية هي أن الصفات الجسمية وراثية إلى حد كبير لا دخل للبيئة في تشكيلها بينما الصفات النفسية هي بيئية لحد كبير وليس للوراثة دور معروف في تشكيلها .


٨ - أنواع الفروق الفردية :

أ - فروق في النوع :
فالفرق في النوع يوجد بين الصفات المختلفة فاختلاف الطول عن الوزن فرق في نوع الصفة ولهذا لا يمكن المقارنة بينهما لعدم وجود وحدة قياس مشتركة بين الصفتين ، فالطول يقاس بالأمتار أو السنتيمترات أما الوزن فيقاس بالكيلو جرام أو بالجرام كذلك الحال في الصفات النفسية فالفرق بين الذكاء والاتزان الانفعالي هو فرق في نوع الصفة ولايمكن المقارنة بين ذكاء فرد واتزان آخر لأنه لا توجد وحدة قياس واحدة مشتركة .
ب- فروق فى الدرجة :
والفروق بين الأفراد في أية صفة واحدة هى فروق فى الدرجة وليست في النوع فالفرق بين الطويل والقصير هو فرق فى الدرجة وذلك لانه توجد درجات متفاوتة من الطول والقصر ويمكن المقارنة بينهما باستخدام مقياس واحد كذلك الحال في سمة عقلية مثل الذكاء ، الفرق بين العبقري وضعيف العقل فرق في الدرجة وليس فرقا في النوع لانه توجد درجات متفاوتة بينهما ولأنهما يقاسان بمقياس واحد ولذلك كان التقسيم الثنائي لبعض الصفات تقسيما غير علمي لأنه قائم على تصور ان الفرق بين الأفراد في الصفة فروق في النوع أو أنه يقوم على تصور أن الصفة المدروسة تمثل كميات منفصلة والواقع أننا نستطيع أن نتتبعها في مستوياتها المتدرجة المختلفة من أدناها الى أقصاها .
 
 
٩ - مظاهر الفروق الفردية :
أ- الفروق داخل الفرد :
وهو أن الفرد الواحد لا تتساوى فيه جميع القدرات فلو قمنا بقياس السمات العقلية المختلفة لدى الفرد لما وجدناها على درجة واحدة أو مستوى واحد فقد يكون مستوى القدرة اللغوية متوسط بينما يكون ممتازا فى القدرة العددية وضعيفا في القدرة الميكانيكية كذلك الحال فيما يتعلق بالسمات الانفعالية المختلفة .
هذا بالإضافة الى أن هناك تغيرات تطرأ على سمات الفرد المختلفة مع مرور الوقت وهذه التغيرات تجعله يختلف عن نفسه من مرحلة إلى أخرى في مختلف السمات النفسية فلو قمنا بقياس قدرات الفرد العقلي وهو في العاشرة مثلا وجدناها تختلف عن قدراته وهو فى الخامسة عشرة والاختلاف في الدرجة أيضا .
ب- الفروق بين الأفراد :
وهى الاختلافات التي نلاحظها بين الأفراد فى مختلف السمات الانفعالية والعقلية وهى فروق في الدرجة لا فى النوع .

١٠ - القياس النفسي :
لقد شهد العالم نقلة نوعية في التقدم في كافة المجالات معتمداً على قدرات الإنسان واستخدامه الأمثل للطاقات البشرية المتاحة واكتشاف الفروق الفردية فى القدرات بين الأفراد عامة والمبدعين خاصة ووضعهم فيما يناسبهم من عمل ، وتحقيق الإشباع الأمثل لاحتياجات الأفراد .
ويمكننا تحديد الفروق الفردية بين الأفراد بطريقة علمية وهى القياس النفسي والذي كان مواكباً فى تقدمه لعلم النفس ومتقدماً معه منذ منتصف القرن التاسع عشر مع المحاولات الجادة لدراسة الظواهر السيكولوجية من منظور علمي يقوم على الملاحظة المضبوطة بعيداً عن التأمل العقلي .
يستخدم تعبير القياس في الحياة اليومية بمعنى العملية أو العمليات المتعددة التي نحصل بها على تقديرات دقيقة للأشياء بما يؤدى إلى ضبط التعامل بين الناس .
وتتحدد قيم الأشياء المتداولة بناء على مقاييس متعارف عليها ، وتستخدم المقاييس فى كل الحالات لنحدد بها مقادير الأشياء أو الفروق الكمية بين الأشياء ، ولنتعامل بها فيما بيننا بقدر من الثبات والاتساق الذي يجعل القيم والمفاهيم والمعاني غير متغيرة من فرد لأخر أو من موقف لأخر .

١١ - عناصر عملية القياس النفسي :
القياس فى العلم عامة وفى علم النفس خاصة هو ( قواعد استخدام الأعداد بحيث تدل على الأشياء بطريقة تشير إلى كميات من صفة أو خاصية ) ، ومعنى ذلك أن القياس النفسي يعتمد فى جوهره على استخدام الأعداد ، إلا انه في صورته المحكمة يتضمن فكرة الكم والتي تعنى مقدار ما يوجد في الشخص من خاصية معينة .
وكلمة قياس تستخدم في معان متعددة ومن هذه المعاني ما يلي :
أ - إنها النتيجة التي نحصل عليها من عملية القياس ، أي القيمة التي نخرج بها من قياسنا لشيء ما يتضمنه بالإضافة إلى تحديد كمه تقديراً لوجود الشيء أو غيابه أو وجود أو غياب خاصية من خصائصه .
ب - إنها الوحدة أو المعيار المستخدم في القياس كأن نقول إن قياسنا بالجرامات أو الأمتار أو الساعات أو الدقائق أو غير ذلك من الوحدات المستخدمة فى المقاييس المختلفة .
ج - إنها تعبر عن تقدير إحصائي لخصائص الأشياء ، فالمتوسط مقياس والانحراف المعياري مقياس والارتباط مقياس ، ويعبر كل منها عن خاصية تميز الأشياء .

١٢ - التقويم النفسي والتقييم النفسي :
من المفاهيم التي يحدث بينها خلط كبير فى مجال علم النفس مفهوما التقويم النفسي والتقييم النفسي ، وفيما يلي معنى التقويم والتقييم النفسي :
أ - التقويم النفسي :
 
أكثر عمومية من القياس فالتقويم النفسي يعتمد على المقاييس أو على غيرها من طرق جمع المعلومات عن السلوك الإنساني .
ب - التقييم النفسي :
 
يكون متركزاً على أحكام تتوافر لدينا عنها دلالات واضحة في الذهن ونكون على درجة كبيرة من الوعي بها ، معتمدين في ذلك على فهم واف وكاف للظاهرة التي نقوم بتقييمها وعلى تحليل دقيق لعناصرها ومكوناتها وتكون أحكامنا ذات طبيعة استدلالية . 

١٣ - ما
 الذي نقيسه :
قبل أن نحدد ما الذي نقيسه بالضبط لابد أن نفرق بين السمة والقدرة :
أ - السمة :
 
مفهوم كمي يخضع للقياس بحيث تصبح الفروق الفردية فروقاً فى الدرجة وليست فى النوع مثل ( تحمل الضغوط في المواقف الضاغطة – الاتزان الانفعالي ويقصد به القدرة على ضبط النفس ) .
ب -القدرة :
 
وهى إمكانية الفرد لأداء بعض الأعمال الذهنية أو الحركية إذا ما توفرت له الظروف الخارجية مثل ( الذكاء العام ويقصد به القدرة على التخطيط السليم – وحسن التصرف ) .
ج - ومن خلال تحديد السمة والقدرة يمكننا قياس الآتي :
( ١ ) القدرات العقلية :
 
لنميز بها تميزاً دقيقاً فنقيس قدرة الفرد على التجريد وقدرته على الاستدلال وقدرته على تكوين المفاهيم ، ونميز في مجال القدرات خصائص اكثر تحديداً .
( ٢ ) قياس السمات المزاجية :
 
لنحصل على تقديرات لمستوى التوتر وعلى درجة العصابية ودرجة الانطواء والاجتماعية والانفعالية .
( ٣ ) المهارات الحركية :
 
فنقيس الدقة في أداء أعمال معينة والمهارة في جوانب أخرى والسرعة الحركية .
( ٤ ) اضطرابات الشخصية :
 
التي يتعرض لها الفرد وكيف تنعكس على أدائه من خلال عدد من الاختبارات المقننة التي تسمح بتقدير كمي لهذه الاضطرابات .
( ٥ ) الدافعية والاتجاهات والقيم وقدرات حل المشكلات والإبداع وغيرها من الوظائف والعمليات وجوانب السلوك الأخرى ، وترجع أهمية تحديد تلك السمات والقدرات إلى حسن اختيار الأعمال التي تلائم ميول وقدرات الفرد .

١٤ - لماذا نقيس السلوك والوظائف النفسية :
ويمكن تحديد هدفين واسعين لعملية القياس وما تتميز به من تحديد نسب كمية للوظائف والقدرات والسلوك وهما : 
أ - أن نقوم بتصنيف هذه الخصائص النفسية والتعرف على جوانبها والمتغيرات المتعلقة بها للوصول إلى القوانين التي تحكم سلوكنا وقدراتنا العقلية ، وذلك لأن عملية القياس في جوهرها ملاحظة مضبوطة نحصل من خلالها على معلومات مقننه معينه بالأرقام ، ننتقل منها إلى تصنيف هذه الملاحظات وتنظيمها وفق انساق رياضية معينه تؤدى في نهاية الأمر إلى صياغة القانون العلمي .
ب - أن نستخدم نتائج القياس للحصول على معلومات محدده تفيدنا في توظيف العلم لصالح المجتمع سواء على المستوى العام أو المستوى الخاص .

١٥ - طرق وأساليب القياس النفسي :

أ- طريقة المقابلة :
( ١ ) هي نوع من المحادثة يحاول بها الباحث القائم بالمقابلة أخذ فكرة عامه أو خاصة عن بعض النواحي الشخصية للمختبر ونواحي القوة والضعف البارزة فيه أو صفات معينه يهمه الكشف عنها .
( ٢ ) ولكن المقابلة لا يمكن الاعتماد عليها دون طرق أخرى ، ذلك لان القائم بالمقابلة قد تغلب عليه فكرة ثابتة عن المختبر كأن يرتاح لشكله أو طريقته فى الكلام فيحكم عليه حكم خاطئ .
( ٣ ) لذلك يجب أن تحدد أسئلة المقابلة قبل إجراءها وشكلها وطريقة إلقائها وتوحيدها بالنسبة للآخرين ، كما يجب أن يدرب القائم بالمقابلة نفسه على الموضوعية وتجنب التحيز أو العدوان والأنانية حتى يمكنه أن يحسن التقدير دون التأثر بالأهواء والميول الذاتية .

ب - الاستخبار أو الاستبيان : 

( ١ ) قائمة من الأسئلة تعطى لمجموعه من المختبرين ليجيبوا عنها ويتحدد موضوع الأسئلة بدقة ويكون السؤال مفهوماً وواضحاً ويشير إلى ما يراد معرفته ولا يعطى فرصة للتزوير والكذب ولا يعرض للإحراج .

( ٢ ) تكرار الأسئلة بصيغ مختلفة لمعرفة هل الاجابه كانت دقيقة أم مهملة .  

ج - الاختبارات النفسية :
( ١ ) الاختبار امتحان وصل إلى مرحلة القانون أو القاعدة بحيث يمكن القول بأنه إذا طبق على نفس الأفراد في مكان آخر وظروف أخرى يعطى نفس النتيجة وانه يقيس ما يراد قياسه .
( ٢ ) الاختبار عبارة عن مشكله يطلب من الفرد حلها أو عمل يقوم به أو أسئلة يجيب عليها ، وهو إما اختبار عملي يستخدم فيه أجهزة فنية أو اختبار ورقة وقلم أو اختبار موقفي أو تفاعلي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 تنمية مهارات إدارة العلاقات Development of relationship management skills

تنمية مهارات إدارة العلاقات     أولا - المقدمة : إدارة العلاقات الإنسانية فن ومهارة وجزء كبير منها يتم بالفطرة إلا أنه لتحقيق تعامل مثمر مع ...