الاثنين، 14 سبتمبر 2020

الذكاء العاطفي ولغة العقل Emotional Intelligence and Mind Language




الذكاء العاطفي ولغة العقل

١ - المقدمة : 
خلق الله تعالى الإنسان وميزه بالعقل عن سائر الكائنات الحية الأخرى ، ويستطيع الإنسان بالعقل أن يميز بين الأشياء وأن يكون أكثر قدرة على اتّخاذ القرارات والتعرف إلى الحقيقة والموجودات ، أما الذكاء فهو من الصفات الإنسانية النسبية المرتبطة بوجود العقل حيث تتفاوت درجة الذكاء الإنساني بين الأفراد وفقًا للعديد من العوامل والمحفزات الذهنية ، حيث يكون الأذكياء نسبيًا أكثر قدرة على التفاعل مع البيئة المحيطة بهم .
الذكاء العاطفي هو نوع من الذكاء الإنساني المتعددة الذي من خلاله يكون الأفراد أكثر قدرة على معرفة مشاعر الآخرين من حولهم تجاه الأشياء المختلفة والتمييز بين العواطف الإنسانية ، كما يدخل في باب الذكاء العاطفي قدرة الإنسان على التحكم بالعواطف والمشاعر وإظهارها في الوقت المناسب وإدارة السلوك الإنساني من أجل التكيف مع مختلف البيئات المحيطة بالإنسان ، سواء كان ذلك على مستوى البيئة الاجتماعية أو البيئة المهنية .

 

 


٢ - مفهوم الذكاء العاطفي : 
يُمكن تعريف الذكاء العاطفي بأنه القدرة على فهم واستخدام وإدارة مشاعرك وعواطفك الخاصة بطرق إيجابية لتخفيف المشاعر السلبية كالقلق والتوتر والإحباط ، والقدرة على التواصل مع المحيطين بك بفاعلية أكبر .
وهو قدرتك على إدراك وفهم مشاعرك ومشاعر الآخرين ، ومن ثمَّ الاعتماد على ذلك الوعي لإدارة سلوكك وعلاقاتك . فالذكاء العاطفي هو ذلك الشيء المبهم نوعاً ما في كلٍّ منّا ، حيث يؤثِّر على إدارتنا للسلوكيات واجتيازنا للأمور الاجتماعيّة المعقَّدة وكيفيَّة اتخاذنا للقرارات الشخصيّة التي تُحقِّق نتائج إيجابيّة . 
والذكاء العاطفي مهارةٌ قابلةٌ للتعلُّم وتتَّسم بالمرونة ويمكنك الوصول إلى مستوى مرتفع من الذكاء العاطفي حتَّى إن لم تكن تلك المهارة متأصّلةً فيك منذ طفولتك . 
 


٣ - أثر الذكاء العاطفي :
الذكاء العاطفي له تأثير واضح ومهم في حياة كل شخص في طريقة تفكيره وعلاقاته وانفعالاته . فالتعاون القائم بين الشعور والفكر أو بين العقل والعاطفة يبرز لنا أهمية دور العاطفة في التفكير المؤثر سواء في اتخاذ قررات حكيمة أم في إتاحة الفرصة لنا لنفكر بصفاء ووضوح إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن العاطفة إذا ما قويت أفسدت علينا القدرة على التفكير بالطريق السليم والوصول إلى قررات صائبة.
ولذلك فإنَّ الذكاء العاطفي له تأثيرٌ كبيرٌ على نجاحك في جميع مجالات الحياة وبخاصة المهنيّ ، حيث يُعَدّ الذكاء العاطفي أساساً للعديد من المهارات الهامّة كإدارة الوقت واتخاذ القرارات والتواصل والمرونة وتحمّل الضغوط والمسؤوليّة والتحكُّم في الغضب والثقة وتحمّل التغيير . 
فإذا بذلت القليل من الجهد لزيادة ذكائك العاطفي فسوف يكون لذلك أثرٌ إيجابيٌّ واسعُ المدى على جميع جوانب حياتك . 
 
٤ - عناصر الذكاء العاطفي : 
يتكون الذكاء العاطفي من عنصرين أساسيين الكفاءة الشخصيّة والكفاءة الاجتماعيّة ، والتي تندرج تحتها أربع مهارات أساسية فى تشكيل وبناء الذكاء العاطفي .
أ - الكفاءة الشخصية : 
هي الإبداع في إدارة النفس ، هي لا تعني أن تتفوق على الآخرين بل أن تتفوق على نفسك ، هي تلك الحافز للبدء بالواجبات التي عليك .
وتتكوَّن من مهارتي ( الوعي الذاتي والإدارة الذاتية ) والتي تركِّز فيها علي الجانب الفردي وليس على تفاعلك مع الآخرين . 
( ١ ) الإدارة الذاتية :
والتي تُمكنك من التحكم في مشاعرك والسيطرة على سلوكياتك الانفعالية وإدارة عواطفك بطريقة صحيّة ، واتخاذ المُبادرات في الوقت المُناسب ومُتابعة الالتزامات والتكيّف مع الظروف المُتغيرة . 
( ٢ ) الوعي الذاتي :
بحيث تعرف مشاعرك الخاصة، وتعرف كيف تؤثر في أفكارك وسلوكك. تدرك به نقاط قوتك وضعفك، وهو ما يعزز الثقة بالنفس . 
 
ب - الكفاءة الاجتماعية : 
هى المهارات التي تستخدم للاستجابة في مواقف اجتماعية محددة ، وتتضمَّن مهارتي ( الوعي الاجتماعي وإدارة العلاقات ) واللتان ترتبطان بعلاقاتك مع الآخرين . 
( ١ ) الوعي الاجتماعي:
يمد الذكاء العاطفي صاحبه بالقدرة على فهم عواطف الآخرين واحتياجاتهم ومخاوفهم. كذلك يُمكّنه من التقاط الإشارات العاطفية الصادرة إليه منهم. يُساعد أيضاً على الشعور بالارتياح الاجتماعي، ويحمي من سوء الفهم الذي يُفسد العلاقات.
وعلى نطاق أوسع، يساعد على فهم ديناميكيات السلطة في مجتمع أو مجموعة أو مُنظمة أو مقر عمل.
( ٢ ) القدرة على إدارة العلاقات :
إذا حظيت بقدر مُناسب من الذكاء العاطفي، فأنت في هذه الحالة تعرف كيف تُطور علاقات جيدة وتُحافظ عليها، وتُلهم الآخرين وتؤثر فيهم.
تستطيع العمل بشكل جيد في فريق، وتعرف أيضاً كيف تُدير الصراعات وتُنهي الخلافات.

 



٥ - طرق تطوير الذكاء العاطفي :
أ - تعلَّم إدارة المشاعر السلبية :
يتحقق ببعض التدريب مثل إذا كان هناك شخص ما يُضايقك ، فلا تقفز سريعاً إلى الاستنتاجات التي تقودك إلى المشاعر السلبية ، أعطِ نفسك بعض الوقت ، حاول أن تُقيّم الأمر بموضوعية وتقف موقف المُتفرج بدلاً من كونك طرفاً مُباشراً ، ستُساعدك هذه الطريقة على رؤية الأمور بحيادية أكبر .
تدرَّب على هذا النوع من الوعي وستلاحظ كيف سيتغير منظورك إلى الأمور ومشاعرك تجاهها . 
 
ب - تعلَّم تحديد ما يدور حولك بمُفردات واضحة ودقيقة :
كن حذراً في المُفردات التي تستخدمها ، فالشخص الذكي عاطفياً يميل إلى استخدام كلمات أكثر تحديداً تُساعد في عدم تضخيم المُشكلات والمواقف السلبية التي تحدث حوله .
تُساعده القدرة التحليلية على رؤيت المواقف بحجمها الحقيقي ، بعدها يعمل بجهده كاملاً على مُعالجة هذه المُشكلات دون أن يستنفذ طاقته في الغضب والضيق .
فمثلاً إذا كان لديك لقاء مع مُديرك في وسارت خلاله الأمور بشكل سيئ جداً ، فعليك في البدء أن تُحدد بدقة ما الذي جعل اللقاء سيئاً ، وماذا يُمكن أن تفعل لإصلاح هذا في المرة القادمة ،
تخلق هذه المراجعة قدرة على مُعالجة المُشكلات بدلاً من التركيز على وجودها فقط . 
 
ج - تدرّب على وضع نفسك مكان الآخرين :
دوماً ما نتعامل مع من حولنا من الخارج فقط ، مهما كانت درجة قربهم منّا ، وكثيراً ما يقود هذا التعامل الخارجي السطحي إلى الفهم الخاطئ وعدم القدرة على التفاهم .
التدرب على وضع نفسك مكان الآخرين حتى ولو وقتاً قصيراً جداً يمنحك بصيرة عالية فيما يُخفونه من مشاعر ومخاوف ودوافع غير مرئية وراء سلوكياتهم .
ليس المطلوب منك قبول سلوكيات مُتطاولة في حقك ولكن سيساعدك هذا الأمر على تقليل مشاعرك السلبية تجاه المُحيطين بك والقدرة على التعامل معهم بذكاء ، وتذكَّر أن كل شخص لديه مشاكله الخاصة . 
 
د - تعرَّف على الضغوط الخاصة بك :
عليك أن تراقب نفسك لتعرف ما هي الأمور التي تُدخلك في دائرة المشاعر السلبية على وجه الدقة وما هي الأشياء التي تُشعرك بأن عليك ضغطاً لا تحتمله .
معرفة هذه الجوانب وتحديدها على وجه الدقة يُساعدان على التعامل معها بذكاء وتحديد أولوياتك دون ضغط .
على سبيل المثال إذا كان تفحُّص بريدك الإلكتروني قبل النوم يُشعرك بالضغط ، فلا تتفحصه بكل بساطة ، يُمكنك أن تفعل هذا في الصباح أو ببداية يوم العمل لترتيب أعمالك . 
 
هـ - مارِس التفاؤل بدلاً من الشكوى :
قد تجد نفسك في مشكلة أو أزمة عليك ألا تتعامل مع هذا كأنه نهاية العالم ، فعليك أن تُدرك أن الأزمات ستمرّ وسيأتي غيرها وسيمرّ غيرها أيضاً .
كل ما عليك فعله أن تتعامل مع الوضع الحالي بهدوء وتُحدد بوضوح في أي شيء أخطأت وماذا تعلمت .
وبهذا تُطور مهاراتك ولا تقع في الخطأ نفسه مرة ثانية . 
 

٦ - الذكاء العاطفي بين الزوجين :
الذكاء العاطفي، الذي يتمثل في الوعي الذاتي والوعي بالآخر ليس مهماً في مكان العمل فقط ، إنه مهم للغاية في علاقة الزوجين وشعورهما بالارتياح في هذه العلاقة .
ولتأسيس أسرة ناجحة يحتاج كل من الأزواج والزوجات تنمية الذكاء العاطفي .
إذا شعرت بمشكلة ما في زواجك فعليك أن تأخذ بعض الوقت بعيداً عن شريكك لفهم مشاعرك بدقة ، هذا الوقت ضروري لتهدئة المشاعر السلبية مثل الغضب أو الخوف ، والتي يُمكنها أن تُسيطر علينا وعلى تقييمنا للأمور  وهو ما يجعلنا مُندفعين في قراراتنا .
استرخِ ومارِس الأنشطة التي تُفضلها ، كالمشي أو القراءة أو سماع الموسيقى ، ثم حاول تحديد مشاعرك تجاه الموقف من جديد بعد أن أصبحت أكثر هدوءً ، عُد إلى شريك حياتك لتبدأ معه مُحادثة هادئة وعقلانية تُعبر فيها عن احتياجاتك بطريقة حازمة لكنها ليست عدوانية .
استمع إلى احتياجات الطرف الآخر دون مُقاطعة إلى أن تتوصلا لحل .

 موضوعات ذات صلة :

أهمية العاطفة  The importance of emotion

المشاعر ولغة الذات  Feelings and Self Language

إستراتيجيات تنمية الإستقرار العاطفي Strategies 

Developing emotional stability

تدريبات تنمية الوعي الذاتي Exercises Self awareness development  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 تنمية مهارات إدارة العلاقات Development of relationship management skills

تنمية مهارات إدارة العلاقات     أولا - المقدمة : إدارة العلاقات الإنسانية فن ومهارة وجزء كبير منها يتم بالفطرة إلا أنه لتحقيق تعامل مثمر مع ...